قوله تعالى: {ألم يأن للذين آمنوا} اختلفوا فيمن نزلت على قولين.أحدهما: أنها نزلت في المؤمنين. قال ابن مسعود: ما كان بين إسلامنا، وبين أن عوتبنا بهذه الآية إلا أربع سنين، فجعل المؤمنون يعاتب بعضهم بعضاً.والثاني: أنها نزلت في المنافقين، قاله أبو صالح عن ابن عباس. قال مقاتل: سأل المنافقون سلمان الفارسي فقالوا: حدِّثنا عن التوراة، فإن فيها العجائب، فنزلت هذه الآية. وقال الزجاج: نزلت هذه الآية في طائفة من المؤمنين حَثُّوا على الرِّقَّة والخشوع. فأما من كان وصفه الله عز وجل بالخشوع، والرِّقَّة، فطبقة من المؤمنين فوق هؤلاء. فعلى الأول: يكون الإيمان حقيقة. وعلى الثاني: يكون المعنى: {ألم يأن للذين آمنوا} بألسنتهم. قال ابن قتيبة: المعنى: ألم يحن، تقول: أنى الشيء: إذا حان.قوله تعالى: {أن تخشع قلوبهم} أي: تَرِقَّ وتلين لذكر الله. المعنى: أنه يجب أن يورثهم الذِّكْر خشوعاً {وما نزل من الحق} قرأ ابن كثير، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي {وما نزَّل} بفتح النون، والزاي، مع تشديد الزاي. وقرأ نافع، وحفص، والمفضل عن عاصم {نزل} بفتح النون، وتخفيف الزاي. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو العالية، وابن يعمر، ويونس بن حبيب عن أبي عمرو، وأبان عن عاصم {نُزِّل} برفع النون، وكسر الزاي، مع تشديدها. وقرأ ابن مسعود، وأبو رجاء {وما أَنزل} بهمزة مفتوحة، وفتح الزاي. وقرأ أبو مجلز، وعمرو بن دينار مثله، إلا أنه بضم الهمزة، وكسر الزاي. و{الحق} القرآن {ولا يكونوا} قرأ رويس عن يعقوب {لا تكونوا} بالتاء {كالذين أوتوا الكتاب} يعني: اليهود، والنصارى {فطال عليهم الأمد} وهو: الزمان. وقال ابن قتيبة: الأمد: الغاية. والمعنى: أنه بَعُد عهدهم بالأنبياء والصالحين {فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون} وهم الذين لم يؤمنوا بعيسى ومحمد عليهما السلام {إعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها} أي: يخرج منها النبات بعد يبسها، فكذلك يقدر على إحياء الأموات {قد بينا لكم الآيات} الدالة على وحدانيته وقدرته {لعلكم تعقلون} أي: لكي تتأملوا.